السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات مهمة لكل مسلم ..
ونقرأ في رسالة اليوم :
ما الفرق بين الرسول والنبي ؟
من هو الصحابي والتابعي ؟
كيف تجمعت أحاديث النبي (ص) ؟
كيف تم جمع القرآن الكريم وحفظه ؟
لو جاء أحد الناس إليك وقال لك حديثا عن النبي (ص) يقول مثلا :
" من داوم على أكل القرع ( أي قرع العسل ) حتى يموت ، ختم له الله تعالى بالخير وأدخله الجنة !! " ..
ما رأيك في هذا الحديث ..
هل لديك الشجاعة الكافية لترفضه وتقول عنه أنه غير صحيح من غير أن يكون لديك أي دليل على ذلك سوى غرابة معنى الحديث ..
أم أنك سوف تخاف أن ترفضه وأن يكون صحيحا – لسوء حظك – فتكون بذلك قد رفضت حديثا صحيحا لرسول الله (ص) والله تعالى يقول عن رسوله (ص) في القرآن :
" وما ينطق عن الهوى .." النجم – 3 ..
وكلنا يعلم أن الدين ليس كله بالعقل .. وإلا لكنا رفضنا العشرات من الحقائق التي جاءت في الآيات والأحاديث – والتي يرفضها العقل لأول وهلة – ثم يفاجأ العالم كله والمسلمون بالعلم الحديث يصدقها تماما كما جاءت في القرآن أو السنة !!
إذا .. لا مخرج لنا إلا أن نعترف بأهمية وقوة إحتياجنا لنوع من العلم الديني يتخصص فقط في البحث في صحة أو خطأ الأحاديث المنسوبة للنبي (ص) والتي رواها الناس عنه ..
وهذا العلم هو المسمى : بعلم الحديث ..
وما ضلال الأمم السابقة من اليهود والنصارى وغيرهم .. وما ضلال أيضا فئات عديدة من المنتسبين للإسلام اسما عبر تاريخنا الطويل – كفرق الشيعة الضالة - ، إلا لأنهم ألقوا هذا العلم خلف ظهورهم ولم يلقوا له بالا .. فماذا حدث لهم ؟ ..
هان أمر الدين والشريعة في أعينهم .. واتخذوا من الناس رؤوسا جهالا يسألونهم فيجيبون عليهم ويفتونهم .. بلا أي دليل سوى أنهم وصفوهم بالقداسة والعظمة من دون الله تعالى !!
فخسروا والله دنياهم .. وخسروا آخرتهم أيضا إذا ماتوا على ذلك ..
لذلك الأمر الهام .. قررت أن أبدأ في إعطاء معلومات بسيطة عن علم الحديث يجب على كل مسلم أن يعرفها ..
وسوف أذكر في أثناء حديثي عن قصة هذا العلم العديد والكثير من الحقائق الإسلامية والتي لا يعرفها أكثر المسلمون اليوم للأسف .. وبالطبع فلن استطيع ذكر كل ما أريد في رسالة واحدة .. ولكن في أكثر من رسالة ليتسنى لكم قراءتها بدون مشقة ..
وللسهولة عليكم ، فقد رتبت كل رسالة في صورة سؤال وجواب ..
فتعالوا معي نخطو أولى خطواتنا في التعرف على أهم حقائق ديننا وتاريخه وأحداثه ..
ما الفرق بين الرسول والنبي ؟
س : ما هو الفرق بين الرسول والنبي ؟
ج : هنالك أكثر من رأي في هذه المسألة .. ولكن الرأي الراجح والأكثر شيوعا بين العلماء هو أن :
الرسول : هو نبي .. ولكن الله عز وجل أنزل عليه رسالة ليبلغها للناس .. ك (صحف) إبراهيم .. أو (زبور) داود .. أو (توراة) موسى .. أو (إنجيل) عيسى .. أو (قرآن) محمد عليهم جميعا أفصل الصلاة والتسليم ..
أما النبي : فقد جاء ليبلغ الناس توحيد الله عز وجل وتفريده وحده بالعبادة .. ومنهجه وشريعته هو تطبيق رسالة الرسول الذي قبله ..
فنخرج من هذا أن (كل رسول نبي .. ولكن ليس كل نبي رسول) ..
الصحابة والتابعين ..
س : من هم أول من روى أحاديث النبي (ص) ؟
ج : هم الصحابة ..
س : وما هو تعريف الصحابي ؟
ج : كلمة الصحابي في اللغة مشتقة من الصاحب .. وأما في العلم الشرعي فله تعريفان ..
الأول : وهو الصحابي في علم الحديث : ويعرف بأنه كل من لقي النبي (ص) وتقابل معه وسمع منه أو رأى منه .. حتى ولو كان ذلك مرة واحدة في حياته .. أما شروطهم في صحة أخذ الحديث منه فهي شروط الصحة المعروفة لأي راوي حديث كما سنذكر فيما بعد مثل العدل و الصدق .... إلخ .
الثاني : وهو الصحابي في علم الفقه : ويطلق فقط على من لازم النبي (ص) فترة من الزمن ، فتعلم منه ووعى عنه وفهم مراداته وتعبيراته .. وذلك لأن علم الفقه يستنبط الأحكام من القرآن والسنة .. وقد يصعب ذلك على من قابل الرسول (ص) مرة أو مرتين ..
س : ومن روى لنا أحاديث الرسول (ص) من بعد الصحابة ؟
ج : هم التابعون ..
س : ومن هو التابعي ؟
ج : يطلق لفظ التابعي على من شاهد أحد الصحابة وأخذ منه علما سواء كان هذا العلم أحاديثا أو فقها ..
س : ومن بعد ذلك ؟!!
ج : يأتي بعد ذلك تابعي التابعين المشهود لهم بالصلاح .. وهكذا استمروا حتى عصور تدوين الأحاديث وتجميعها ..
س : لماذا نقول دوما بعد كل صحابي أو تابعي كلمة : " رضي الله عنه " ؟
ج : وذلك لأن الله تعالى قال عنهم في القرآن : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين تبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " التوبة – 100 ..
س : إذا لماذا نقول دوما في أثناء حديثنا كلمة : " العشرة المبشرون بالجنة " ؟ فهل هناك غيرهم بشرهم الله تعالى أو رسوله (ص) بالجنة ؟
ج : بالطبع هناك الكثير والكثير من الصحابة رجالا ونساءا الذين بشرهم رسول الله (ص) بالجنة في حياتهم وقبل مماتهم .. نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
بلال (ر) الذي رأى وسمع النبي (ص) منزلته في الجنة .. أيضا هناك عكاشة (ر) الذي أخبره النبي (ص) من أنه من الذين سيدخلون الجنة بلا حساب .. وأيضا الحديث الصحيح للنبي (ص) الذي قال فيه :
" إن الجنة لتشتاق لثلاثة : علي وعمار وسلمان " .. وغيرهم الكثير ..
أما أصل كلمة العشرة المبشرون بالجنة .. فهو الحديث الشريف الذي ذكر فيه النبي (ص) أسماء عشرة من أوائل الصحابة الذين دخلوا في الإسلام لبيان فضلهم فقال فيهم :
" أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " ..
واشتهر هذا الحديث جدا بين المسلمين أكثر من غيره من الأحاديث لاحتوائه على كبار الصحابة ، وخصوصا ممن وقعت منهم الفتنة أيام علي (ر) ومعاوية (ر) كما سنقرأ غدا إن شاء الله ..
بداية جمع الأحاديث النبوية الشريفة ..
س : وكيف تم تجميع الأحاديث النبوية الشريفة ؟
ج : بداية كان الصحابة حول رسول الله (ص) يسمعون كلماته أو يرون أفعاله فيحفظونها في قلوبهم كما كانوا يحفظون القرآن .. فقد حبى الله تعالى العرب في ذلك الوقت بحب الشعر والكلام وحفظه بما لا يوجد في أمم من الأمم كما يشهد على ذلك التاريخ ..
وكان قليل منهم فقط من يستطيع الكتابة .. ومن أشهر من نقل أحاديث النبي (ص) لنا حفظا هو : أبو هريرة رضي الله عنه (ر) .. ومن أشهر من كتب أحاديث الرسول (ص) : عبد الله بن عمرو بن العاص (ر) ..
س : هل كل الصحابة كان لديهم نفس العلم ؟
ج : لا بالطبع .. لم يكن كل صحابة النبي (ص) عندهم نفس العلم .. وذلك لأنهم لم يلازموا رسول الله (ص) في كل وقته .. فهناك من كان يسافر في التجارة .. أو مشغولا بالزراعة .. أو أرسله النبي (ص) للجهاد في سبيل الله.. وهكذا ..
لذلك فقد كان بعضهم يخبر بعضا بما لم يسمعوه عن رسول الله (ص) في غيابهم ..
وذلك يفسر بعض التعارض الذي نشأ بين بعض الصحابة في بعض الأحيان ..
س: هل يمكن أن تذكر لي أمثلة على ما تقول ؟!!
ج : الأمثلة على ذلك كثيرة تمتليء بها كتب السنة .. فخذ مثلا هذا الحديث الصحيح المشهور في موطأ الإمام مالك وفي صحيح الإمام مسلم : ( وسوف أروي الحديث مختصرا ) وفيه أنه عندما توجه عمر بن الخطاب بالجند إلى الشام ، استقبله أمير أجناد أرض الشام أبو عبيدة بن الجراح ليخبره بنزول الوباء بأرض الشام ( أي الطاعون ) .. فاستشار عمر المهاجرين فاختلفوا الرأي .. فمنهم من أراد الرجوع حفاظا على المسلمين من الهلاك .. ومنهم من أراد ألا يرجع عن نية الجهاد التي خرجوا لها .. فاستشار الأنصار .. فاختلفوا كذلك مثل المهاجرين .. فطلب عمر أخيرا شيوخ المهاجرين الأول والأكبر سنا في الإسلام .. فأشاروا عليه بالرجوع ..
وهنا أعلن عمر في الجنود أنه سيرجع بهم لحين انتهاء الوباء .. فقال له أبو عبيدة غاضبا : أتفر من قدر الله يا عمر ؟!!
فقال عمر له – ولم يكن يحب أن يخالفه أحد بعد المشورة – : لو غيرك قالها – أي لو غيرك قالها ما كنت سامحته - .. وهنا جاء عبد الرحمن بن عوف – وكان غائبا في حاجة له – فقال : إن لي علما من رسول الله (ص) في هذا الذي تختلفون فيه .. لقد سمعت رسول الله (ص) يقول :
" إذا سمعتم به في أرض – أي وباء الطاعون – فلا تقدموا عليه .. وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه " وهنا حمد عمر الله تعالى ثم انصرف ..
ولعلنا نلحظ في هذا الحديث مدى حرص النبي (ص) على نفوس الناس من الضياع .. بأن يبتعد الناس عن مكان الوباء فلا يقربوه .. وأن لا يخرجوا من أرض الوباء إذا أصيبوا به لئلا يقوموا بنشره بين الناس !! وبالفعل كان الصحابة يمتثلون أوامره الشريفة ولا يحيدون عنها قيد أنملة .. حتى أن أبا عبيدة نفسه مات بالفعل في الطاعون الذي ضرب بلدة عمواس .. ورفض دعوة عمر نفسه له بالخروج والهرب منها .. وسبحان الله .. إذن فاختلاف الصحابة كان ينتهي بمجرد سماع حكم الله من القرآن أو حكم رسوله من الأحاديث التي رويت عنه .. فرضي الله عنهم جميعا ..
قصة جمع القرآن ..
س : وماذا حدث بعد موت النبي (ص) ؟
ج : بعد موت النبي (ص) تفرق المسلمون – بما فيهم الصحابة – في أرض الله للجهاد .. وتفرق معهم الكثير والكثير من الأحاديث التي سمعوها من النبي (ص) ..
أضف إلى ذلك أنه تم جمع القرآن في عهد خليفة رسول الله أبي بكر الصديق (ر) في مصحف واحد بإشارة من عمر (ر) عندما رأى موت الكثير من حفظة القرآن في حروب الردة ..
وبالفعل بدأ المسلمون يجمعون آيات القرآن الكريم المكتوبة على الصخور أو أوراق النباتات أو سعاف النخل أو عظام الحيوانات أو المحفوظة في صدور الرجال ليكتبوها ويحفظوها في مصحف واحد تم وضعه عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر (ر) .. وبالطبع أخذ عمر (ر) مع الصحابة جميع الاحتياطات اللازمة لصحة تجميع القرآن .. فلا تكتب آية إلا بشاهدي عدل يشهدوا على سماعها مباشرة من رسول الله (ص) .. أيضا مراعاة ترتيب الآيات والسور كما كان يقرأها الرسول (ص) .. كما أمرهم عمر (ر) أنه عند اختلافهم في نطق كلمة من الكلمات أن يكتبوها بلهجة أو بلسان أهل مكة .. لأن القرآن نزل على الرسول به في الأصل .. ومن أهم الاحتياطات كذلك التي اتخذها عمر (ر) هو حرق كل الأحاديث النبوية المكتوبة !! وكان ذلك خوفا من ضياع القرآن واختلاطه بأحاديث النبي (ص) المكتوبة أو الشارحة لها .. فجزى الله تعالى أبا بكر وعمر وجميع الصحابة خيرا على ما قاموا به .. ولتتحقق آيات الله تعالى في سورة الحجر :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر – 9 ..
وسأضطر هنا لتكملة قصة تجميع القرآن الكريم – والتي لا يعرفها كثير من المسلمين للأسف - ..
فبعد أن حفظت نسخة القرآن كاملة لأول مرة منذ نزوله على رسول الله (ص) – ولم يجمعه النبي (ص) ولا الصحابة لأن القرآن كان يتنزل عليه حتى آخر عمره (ص) - .. وبقيت هذه النسخة محفوظة كما قلنا عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر باقي خلافة أبي بكر – عامان – ثم طوال خلافة أمير المؤمنين عمر – أثنا عشر عاما – ثم جزءا من خلافة أمير المؤمنين عثمان (ر) .. والذي في خلافته اتسعت أرض الإسلام كثيرا شمالا وجنوبا وشرقا وغربا .. فلاحظ الجنود المسلمون من العرب اختلاف قراءة القرآن من إخوانهم الجنود الذين دخلوا في الإسلام من غير العرب .. وذلك أثناء الفتوحات وفي الثغور وغيرها ..
ومع أن النبي (ص) أجاز سبعة لهجات أخرى غير لهجة أهل مكة للقرآن والتي نزل أصلا بها – وذلك تيسيرا من الله تعالى على أهل هذه المناطق المتفرقة من عرب أهل الجزيرة - .. إلا أن الاختلاف تعدى ليس مجرد اللهجة والنطق .. ولكن بدأت الحروف تتغير بسبب لهجات أهل هذه البلاد – مثل بلاد فارس والروم و الهند والصين - ..
أيضا بدأت بعض المصاحف ( ذات القراءات الشاذة ) في الانتشار بين الناس .. والقراءة الشاذة هي مصطلح أطلق على المصحف عندما يقوم الصحابي بكتابة معنى بعض الآيات فيه بدون فصل بين الآية نفسها وبين معناها .. وذلك – مع أنه بحسن نية من الصحابي – إلا أنه يعد نوعا من أنواع التحريف للقرآن !! بل ويمكن مع مرور الوقت عدم تفريق الناس بين ماهو معنى للآيات وما هو الآيات نفسها !! ومن أشهر الحوادث في ذلك مصحف عبد الله بن مسعود (ر) ..
لذلك فقد أصدر أمير المؤمنين عثمان (ر) أوامره بجمع جميع المصاحف التي كتبها أصحابها من البلاد الإسلامية .. ثم القيام بحرقها جميعا ..
ثم أمر بعد ذلك بنسخ سبعة نسخ أصلية من المصحف الذي عند أم المؤمنين حفصة والقيام بتوزيعه على الأمصار .. على أن تلتزم جميع بلاد الإسلام بهذا المصحف ..
فكانت خطوة عظيمة أيضا من عثمان (ر) لحفظ القرآن كما أنزل بين أيدينا إلى الآن .. ولنكون نحن الأمة الوحيدة بين أمم أهل الكتاب من اليهود والنصارى التي تملك النسخة الأصلية من كتاب رسولها – وليست التراجم كحال التوراة والإنجيل اليوم - .. وبذلك حفظ الله تعالى كتابه الأخير إلى البشرية من التحريف والضياع .. وكأنه يقول للإنسان :
عندما تركت لك أمر حفظ كلامي وكتبي لم تستطع .. بل وأضعتها وحرفت فيها وكتبت فيها من عندك .. أما آخر كتبي للبشر فقد تعهدته بنفسي .. وحفظته من الضياع ..
وإلى الآن لم تنجح المحاولات العديدة من اليهود والنصارى لتحريف القرآن بشتى الطرق عبر السنين ..
بل والحمد لله .. فإن مصحف عثمان (ر) والذي احتفظ به في مدينة النبي (ص) موجود حتى الآن لم يمسسه سوء بإذن الله تعالى لمن يريد أن يراه ..
__________________
أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله